لا تتعجل فى الحكم على المواقف..
تريث.. أحسن الظن .. تلمس الأعذار..
فالأمور لا تكون دائما كما تبدو من أول وهلة
كم من الإنطباعات التي أخذناها وبنينا عليها الكثير من أمور حياتنا .. ثم نتبين بعد فترة أنها كانت خاطئة..
إليكم بعض القصص المعبرة
القصة الأولى: يقول ستيفن كوفي: كنت في صباح يوم أحد الأيام في قطار الأنفاق بمدينة نيويورك، وكان الركاب جالسين في سكينة. بعضهم يقرأ الصحف، وبعضهم مستغرق بالتفكير، وآخرون في حالة استرخاء
كان الجو ساكناً مفعماً بالهدوء!
وفجأة صعد رجل بصحبة أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم وهرجهم عربة القطار!
جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله!
كان الأطفال يتبادلون الصياح ويتقاذفون بالأشياء! بل ويجذبون الصحف من الركاب! وكان الأمر مثيراً للإزعاج! ورغم ذلك استمر الرجل في جلسته إلى جواري دون أن يحرك ساكناً!
لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد والسماح لأبنائه بالركض هكذا دون أن يفعل شيئاً!
يقول (كوفي) بعد أن نفد صبره: التفت إلى الرجل قائلاً: إن أطفالك يا سيدي يسببون إزعاجا للكثير من الناس! وإني لأعجب أنك لم تستطع أن تكبح جماحهم أكثر من ذلك! إنك عديم الإحساس!
فتح الرجل عينيه، كما لو كان يعي الموقف للمرة الأولى، وقال بلطف: نعم إنك على حق! يبدو أنه يتعين علي أن أفعل شيئاً إزاء هذا الأمر! لقد قدمنا لتونا من المستشفى حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذ ساعة واحدة! إنني عاجز عن التفكير! وأظن أنهم لا يدرون كيف يواجهون الموقف أيضاً!
يقول (كوفي): تخيلوا شعوري آنئذ؟
فجأة امتلأ قلبي بآلام الرجل وتدفقت مشاعر التعاطف والتراحم دون قيود! فقلت له: هل ماتت زوجتك للتو؟ إنني آسف! هل يمكنني المساعدة؟
لقد تغير كل شيء في لحظة!
القصة الثانية:
يحكى أنّ رجلا كان ينتظر رحلته بصالة الانتظار في المطار.. هذا الرجل قام بشراء كيس من الحلوى ومن ثم قام بالجلوس في أحد الكراسي الفارغة..
وضع كيس الحلوى على الطاولة التي كانت تفصل بينه وبين مسافر آخر كان ينتظر أن يعلن المذيع الداخلي عن وقت صعود الطائرة ..
يقول صاحبنا : بينما كنت أنتظر مددت يدي لآخذ حبة من كيس الحلوى، فأخذت حبة وتفاجئت بأن الرجل الذي بجواري يمد يده هو الآخر في الكيس ويأخذ قطعة حلوة من نفس الكيس.
قلت في نفسي قطعة واحدة لا بأس لعل الرجل أراد أن يتذوقها فقط ومع هذا لا أخفيكم مدى الانزعاج الذي طرأ علي لأنه لم يستأذن مني في أخذه لقطعة الحلوى .
فمددت يدي لآخذ قطعة أخرى، فمد يده مرة ثانية فأخذ قطعة حلوى أخرى.
تعجبت كثيرا من فعله .. وكان لا ينظر إلي ، كان يتجاهل وجودي.
بدأت أقول في نفسي ، ياله من رجل وقح ، لا يعرف للأدب طريقا . أيعقل أن يكون هنالك رجل بهذه التربية وبهذه الوقاحة.
يمد يده إلى كيس الحلوى دون أن يستأذن مني، ولا أن ينظر إلي.. بدأت أشتمه في نفسي وأتضايق من وجوده ، ففكرت بأن أغير مكاني ، لكن قلت لا يعقل أن أغير مكاني من أجل قطع حلوى .
ثم بدأ يناظرني لما أحس بأنني متضايق ، ولما رأى علامات الغضب في وجهي . وبدأ يتبسم لي إبتسامات كانت تمزقني غيظا .
واستمرينا هكذا أنا آخذ قطعة وهو يأخذ قطعة ، حتى بقيت قطعة حلوى واحدة في الكيس فسبقني عليها وقام بإهدائها لي .
ماهذا الرجل الغريب .. يهديني ما أملك ؟
زاد غضبي وكرهي له .. رغم أني أخذتها منه ولم أتركها له .. مع كل ما أكنه له من كره وغيظ ، كنت أتمنى أننا لسنا بصالة المطار فالمكان لا يصلح لأن أرفع صوتي عليه وأن أعطيه درسا في الأدب وفي الاستئذان .
هذا الوقح الجبان .. كل هذه الكلمات كانت تدور في رأسي .
أعلن عن رحلته ، نظر إلي متبسما ثم غادر المكان ، ونظرت إليه بغضب ثم صرفت نظري عنه .
ماهي إلا لحظات حتى أعلن عن رحلتي فصعدت الطائرة وكنت أحمل شنطة صغيرة في يدي ثم جلست على الكرسي المخصص لي بالطائرة .
وأردت أن أبحث عن كتاب في شنطتي حتى أقرأه وأنسى ما حدث لي بصالة المطار من ذلك الرجل الغريب الوقح .
فتحت الشنطة .. ماذا أرى .. يا الله .. أيعقل هذا .. لا يمكن .. كيف يكون هذا .. يا الله .
ماذا وجد صاحبنا ؟
وجد كيس الحلوى الخاص به في شنطته جديدا لم يفتح .. فتذكر صاحبنا أنه حينما اشترى من البائع كيس الحلوى قام بوضعه في الشنطة .
وأن الحلوى التي قام بإلتهامها في المطار كانت لذلك الرجل الطيب الكريم .
فعرفت أنه ليس بوقح . بل أنا الوقح ، ليس هو من يحتاج إلى دروسا في التربية ، بل أنا من يحتاج إلى دروسا فيها .
قارنت نفسي فيه فوجدت بونا شاسعا .. لماذا لم يفكر بنفس تفكيري وأنا آكل من كيس الحلوى الخاص به ؟
لماذا لم يغضب من فعلي لأنني أنا من كان يأكل دون استئذان ؟
لماذا لم يعقد حاجبيه ويعكر مزاجه وينظر إليّ نظرات الغضب والإشمئزاز ؟
لماذا أعطاني قطعة الحلوى الأخيرة مع أنه كان أحق مني بها ، بل أحق مني بكل قطعة حلوى أكلتها ؟
عرفت مدى طيبة نفسه ، وكرم أخلاقه . وعرفت بأن ما حمله على ذلك أنه يحسن الظن بالناس بينما أنا عكسه تماما .
نعم يجب ان يكون التماس الأعذار واحسان الظن والتريث في الحكم هو حالنا في تعاملاتنا مع الأخرين .. حتى تطيب العشره والموده بيننا..
وفي قول منسوب لابن سيرين رحمه الله:
" إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا ، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا اعرفه
تريث.. أحسن الظن .. تلمس الأعذار..
فالأمور لا تكون دائما كما تبدو من أول وهلة
كم من الإنطباعات التي أخذناها وبنينا عليها الكثير من أمور حياتنا .. ثم نتبين بعد فترة أنها كانت خاطئة..
إليكم بعض القصص المعبرة
القصة الأولى: يقول ستيفن كوفي: كنت في صباح يوم أحد الأيام في قطار الأنفاق بمدينة نيويورك، وكان الركاب جالسين في سكينة. بعضهم يقرأ الصحف، وبعضهم مستغرق بالتفكير، وآخرون في حالة استرخاء
كان الجو ساكناً مفعماً بالهدوء!
وفجأة صعد رجل بصحبة أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم وهرجهم عربة القطار!
جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله!
كان الأطفال يتبادلون الصياح ويتقاذفون بالأشياء! بل ويجذبون الصحف من الركاب! وكان الأمر مثيراً للإزعاج! ورغم ذلك استمر الرجل في جلسته إلى جواري دون أن يحرك ساكناً!
لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد والسماح لأبنائه بالركض هكذا دون أن يفعل شيئاً!
يقول (كوفي) بعد أن نفد صبره: التفت إلى الرجل قائلاً: إن أطفالك يا سيدي يسببون إزعاجا للكثير من الناس! وإني لأعجب أنك لم تستطع أن تكبح جماحهم أكثر من ذلك! إنك عديم الإحساس!
فتح الرجل عينيه، كما لو كان يعي الموقف للمرة الأولى، وقال بلطف: نعم إنك على حق! يبدو أنه يتعين علي أن أفعل شيئاً إزاء هذا الأمر! لقد قدمنا لتونا من المستشفى حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذ ساعة واحدة! إنني عاجز عن التفكير! وأظن أنهم لا يدرون كيف يواجهون الموقف أيضاً!
يقول (كوفي): تخيلوا شعوري آنئذ؟
فجأة امتلأ قلبي بآلام الرجل وتدفقت مشاعر التعاطف والتراحم دون قيود! فقلت له: هل ماتت زوجتك للتو؟ إنني آسف! هل يمكنني المساعدة؟
لقد تغير كل شيء في لحظة!
القصة الثانية:
يحكى أنّ رجلا كان ينتظر رحلته بصالة الانتظار في المطار.. هذا الرجل قام بشراء كيس من الحلوى ومن ثم قام بالجلوس في أحد الكراسي الفارغة..
وضع كيس الحلوى على الطاولة التي كانت تفصل بينه وبين مسافر آخر كان ينتظر أن يعلن المذيع الداخلي عن وقت صعود الطائرة ..
يقول صاحبنا : بينما كنت أنتظر مددت يدي لآخذ حبة من كيس الحلوى، فأخذت حبة وتفاجئت بأن الرجل الذي بجواري يمد يده هو الآخر في الكيس ويأخذ قطعة حلوة من نفس الكيس.
قلت في نفسي قطعة واحدة لا بأس لعل الرجل أراد أن يتذوقها فقط ومع هذا لا أخفيكم مدى الانزعاج الذي طرأ علي لأنه لم يستأذن مني في أخذه لقطعة الحلوى .
فمددت يدي لآخذ قطعة أخرى، فمد يده مرة ثانية فأخذ قطعة حلوى أخرى.
تعجبت كثيرا من فعله .. وكان لا ينظر إلي ، كان يتجاهل وجودي.
بدأت أقول في نفسي ، ياله من رجل وقح ، لا يعرف للأدب طريقا . أيعقل أن يكون هنالك رجل بهذه التربية وبهذه الوقاحة.
يمد يده إلى كيس الحلوى دون أن يستأذن مني، ولا أن ينظر إلي.. بدأت أشتمه في نفسي وأتضايق من وجوده ، ففكرت بأن أغير مكاني ، لكن قلت لا يعقل أن أغير مكاني من أجل قطع حلوى .
ثم بدأ يناظرني لما أحس بأنني متضايق ، ولما رأى علامات الغضب في وجهي . وبدأ يتبسم لي إبتسامات كانت تمزقني غيظا .
واستمرينا هكذا أنا آخذ قطعة وهو يأخذ قطعة ، حتى بقيت قطعة حلوى واحدة في الكيس فسبقني عليها وقام بإهدائها لي .
ماهذا الرجل الغريب .. يهديني ما أملك ؟
زاد غضبي وكرهي له .. رغم أني أخذتها منه ولم أتركها له .. مع كل ما أكنه له من كره وغيظ ، كنت أتمنى أننا لسنا بصالة المطار فالمكان لا يصلح لأن أرفع صوتي عليه وأن أعطيه درسا في الأدب وفي الاستئذان .
هذا الوقح الجبان .. كل هذه الكلمات كانت تدور في رأسي .
أعلن عن رحلته ، نظر إلي متبسما ثم غادر المكان ، ونظرت إليه بغضب ثم صرفت نظري عنه .
ماهي إلا لحظات حتى أعلن عن رحلتي فصعدت الطائرة وكنت أحمل شنطة صغيرة في يدي ثم جلست على الكرسي المخصص لي بالطائرة .
وأردت أن أبحث عن كتاب في شنطتي حتى أقرأه وأنسى ما حدث لي بصالة المطار من ذلك الرجل الغريب الوقح .
فتحت الشنطة .. ماذا أرى .. يا الله .. أيعقل هذا .. لا يمكن .. كيف يكون هذا .. يا الله .
ماذا وجد صاحبنا ؟
وجد كيس الحلوى الخاص به في شنطته جديدا لم يفتح .. فتذكر صاحبنا أنه حينما اشترى من البائع كيس الحلوى قام بوضعه في الشنطة .
وأن الحلوى التي قام بإلتهامها في المطار كانت لذلك الرجل الطيب الكريم .
فعرفت أنه ليس بوقح . بل أنا الوقح ، ليس هو من يحتاج إلى دروسا في التربية ، بل أنا من يحتاج إلى دروسا فيها .
قارنت نفسي فيه فوجدت بونا شاسعا .. لماذا لم يفكر بنفس تفكيري وأنا آكل من كيس الحلوى الخاص به ؟
لماذا لم يغضب من فعلي لأنني أنا من كان يأكل دون استئذان ؟
لماذا لم يعقد حاجبيه ويعكر مزاجه وينظر إليّ نظرات الغضب والإشمئزاز ؟
لماذا أعطاني قطعة الحلوى الأخيرة مع أنه كان أحق مني بها ، بل أحق مني بكل قطعة حلوى أكلتها ؟
عرفت مدى طيبة نفسه ، وكرم أخلاقه . وعرفت بأن ما حمله على ذلك أنه يحسن الظن بالناس بينما أنا عكسه تماما .
نعم يجب ان يكون التماس الأعذار واحسان الظن والتريث في الحكم هو حالنا في تعاملاتنا مع الأخرين .. حتى تطيب العشره والموده بيننا..
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات : 12]
وفي قول منسوب لابن سيرين رحمه الله:
" إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا ، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا اعرفه
هناك 3 تعليقات:
صدقت أخي أحمد وأفدت
استاذى الفاضل دكتور احمد
لقد قرأت هاتين القصتين سابقا وكانتا
توظف بطريقة اخرى لايصال فكرة اخرى
ولكنها اليوم تركت فى نفسى اثرا قويا
لان حضرتك وظفتها فى اتجاه آخر غاية فى الروعة
حسن الظن ....
نعم ..نحن نحتاج التواصى به كثيرا
فهناك من العوامل المؤثرة حولنا
تجرفنا فى تيارها بعيدا عن هذا الخلق الرائع
انه اول سمات القلب السليم الذى ينجو به صاحبه عندما يقبل على الله
غير انى احيانا افشل فى الموازنه بين
متطلباته ومتطلبات مقولة سيدنا عمر
رضى الله عنه
(لست بالخب وليس الخب يخدعنى )
لعل العنون الذى اختارته حضرتك
يعطينى بعض الضوء
لا تتعجل..
صحيح الامر بحاجة الى التروى فى اصدار
الاحكام على الناس
وعلينا التحقق والمبادرة بحسن
الظن الذى لا يخلوا من الحذر حتى يثبت
العكس او يصدق الظن الحسن
للاسف لقد كثر الكذب والخداع والزيف
و اتقن اصحابه ارتداء الاقنعة
وانتحال الاعذار واستدراج الخير فى نفوس
الناس الى ما يؤذيهم فيسيؤا الظن بعد
ذلك رغما عنهم .
الله المستعان .
جزاكم الله خيرا استاذي الفاضل
افدتني كثيرا انا اول مرة اقرأ القصتين
ولم اتخيل وانا أقرأهم ان النهاية هتكون كده
بجد اتعلمت ان احسن الظن بالناس
إرسال تعليق